أجابني بعض التلاميذ الذين كنت أحدثهم عن مرور كوكب الزهرة بأنهم كانوا ينظرون إلي الشمس دون أن تحدث أية أضرار. لم أعرف في الواقع بماذا أجيبهم حيث إنني سبق وأن أشرت إلي خطورة النظر إلي الشمس، فهل هم "ببساطة" محظوظون؟

يشبه احتراق العين ذلك الاحتراق الناتج عن ضربة الشمس ولكنه أسرع نظراً لأن بلورة العين تجمع ضوء الشمس (مثل الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء المسئولة عن الحرارة) علي الشبكية كأنها عدسة. ولا يسبب النظر إلي الشمس لجزء من الثانية أضراراً وخيمة ولكن بضعة ثوانٍ قد تكون كفيلة بحرق الشبكية نهائيًا. كما أن الجلوس في الشمس لبضعة دقائق لا يسبب ضررًا كبيرًا بينما يمكن الإصابة بضربة شمس قوية في خلال نصف ساعة! وبطبيعة الحال، يعد الإحساس بالعَمَى الذي يحدث عند النظر إلي الشمس حماية فعالة تجاه تلك الظاهرة، ولا يراود ذلك فكر أي حيوان! وللأسف، يميل الإنسان بطبيعته، خاصة في مرحلة الشباب، إلى خرق المحذورات مثل الكحول والمخدرات. وأغلب الحوادث التي سمعت عنها كانت عن شباب أرادوا إظهار قدرتهم علي النظر إلي الشمس، ولقد نظروا إليها لبعض الوقت (وبالأخص الكسوف). وقد يكون ذلك أثراً عكسياً ناتجاً عن حملات التوعية التي تسفر عن ردود أفعال معاكسة... فيجب التأكيد على الشباب أن احتراق الشبكية لا مفر منه ولا علاج، فالخلايا العصبية لن يعاد تكوينها من جديد. وهذا الاحتراق، مثله مثل ضربة الشمس؛ قد لا نشعر به في الحال حتى وإن تلفت الخلايا فورياً، مما قد يؤدي إلي العَمَى الكامل. لذا من الضروري ألا يسعى هؤلاء الشباب لخوض التجربة. بل من الأفضل توعيتهم عن طريق أخبار متنوعة واقعية موضحة بمقتطفات من الصحف.

يمكن لأي شخص النظر إلي الشمس لجزء من الثانية دون حدوث أضرار بالبصر وإلا أصبح الناس جميعاً كفيفين... وتكمن المشكلة في النظر للشمس لمدة طويلة. وأعتقد بأن التلاميذ لديكم يريدون القول بأنهم كانوا يجاهدون بشدة للنظر للشمس لجزء من الثانية. فبصورة عامة؛ نحن لا نستطيع تحمل هذا البريق لفترة طويلة، وأعتقد (بعد استشارة طبيب عيون) أن الوقت اللازم لتلف الشبكية قصير جدًا، فإذا "أصر" التلاميذ علي ذلك، فسوف تدمِّر شبكيتهم. قد لا يدرك التلاميذ ما يحدث خارج إطار هذا البريق الممتد، ولكن اختبار العين سوف يظهر الاحتراق. لماذا ؟ يقوم المخ بتصويب المشكلة (في حدود معينة): فعلي سبيل المثال يوجد علي الأقل منطقة في العين لا تعمل، وهذا هو المكان الذي يخرج منه العصب البصري. ومع ذلك لا يتنبه أحد لتلك المنطقة إلا بتجربة صغيرة تتمثل في وضع نقطة كبيرة (بقطر ١سم)، وعلامة (بنفس المقياس) علي ورقة بيضاء حجمها في حدود ٢٠ سم. ويتم إمساك الورقة بحيث يكون الرسمان أفقيين، ويُثبَّت الرسم الأيسر بالنسبة للعين اليمنى (والعكس)، يتم تقديم أو إرجاع الورقة ببطء حتى يختفي الرسم الآخر... وسوف يختفي حينما تقع صورته علي مخرج العصب البصري (بالنسبة لي عند إمساك الورقة من طرف الذراع؛ لن أري الرسم مطلقًا). ومع ذلك لا نشعر مطلقًا بوجود "ثقب" في رؤيتنا!! ولا يعد ذلك سبباً لنسمح باحتراق الشبكية بحجة أن المخ يصوب الأخطاء في حدود معينة. فهناك دائمًا حدود، وسوف يشرح لكم طبيب العيون المزيد من المشاكل المتعلقة بذلك النوع من الممارسات.

ليس من الممكن النظر للشمس مباشرة (فحدقة العين والجفن يقفلان لا إراديًا) إلا: -إذا كانت الشمس أسفل الأفق، حينئذ يكون الضوء خفيفاً جدًا... كما هو الحال عند بداية عبور كوكب الزهرة؛ -إذا كانت الرؤية خاطفة... مع العلم أنه في أثناء كسوف عام ١٩٩٩ كان هناك تشديد بعدم النظر لهذه الظاهرة حيث أن الكمية المستقبََلة في أثناء النظر تتراكم خلال بعضة ساعات، وقد تدمر الشبكية بحرارتها (دون الشعور بها).